
الحمد لله نزّل القرآن مفرقًا ليجمع الأمة على الحق، وجعل من آياته مثالًا يقتدى به لإنشاء مجتمع متآلف يشد بعضه أزر بعض، وجعل لكل كلمة منه موضعها المناسب، كما أنّ لكل فرد موقعه الواحد المناسب لا يتخطاه ولا يتعدّاه.
والصلاة والسلام الأكملان على من ختمت به الرسالات، وبيّن المنهج، وربّى الأمة حتى غدت خير أمّة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، وعلى آله وأصحابه أجمعين، به تفقّهوا وعنه أخذوا، وإلى جانبه وقفوا وإيّاه نصروا، أمّا بعد:
فإن القرآن الكريم حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أُجر، جعله سبيل هداية الناس، به تستقيم حياتهم، ويقوّم ما اعوج من أقوالهم وأعمالهم، فهم الصحابة القرآن وعملوا به، فأناروا القلوب والعقول، ونشروا العدل في الأرض، فكانوا مثالًا يُقتدى به ومنهجًا يتبع.
وانتشر العلم في المجتمع انتشار النور في الظلام، ونشأت أجيال على منهج النبوة تنشر الفضيلة، وتحبب الحق إلى الناس كل الناس، فدخل الخلق في دين الله أفواجًا، وتزوج العرب المستعربين فكان المولودون متأثرين بأمهاتهم فاحتاجوا إلى من يعلمهم اللغة، فنشأت علوم الآلة تقرب البعيد، تبيّن المجمل، وتفسر المشكل.
ونشأ علم تفسير القرآن الكريم وبيان علومه، واختلفت طرق المؤلفين، فمنها المطولات التي تعالج أكثر المواضيع دقة، ومنها المختصرات التي تبين المراد بأقصر عبارة وأقرب طريق، فأردت أن أقدم لإخواني وأبنائي كتابًا مختصرًا، يفيد المبتدي ويذكر المنتهي، يركز على قضايا أساسية تمس الحاجة إليها، ويقبح الجهل بها، فكانت (قصة آية) برنامجًا حواريًا على أثير إذاعة القرآن الكريم، فسرت فيه كلام الله تعالى من الفاتحة إلى سورة الناس، بأسلوب سهل قريب التناول، بعيد عن التعقيد والتطويل، وأشرت فيه إلى بعض الحوادث التي عصفت ببلاد المسلمين أثناء تسجيل البرنامج من الحروب والاضطرابات دون تشخيص، فتقبلها الناس بقبول حسن ما دعاني إلى كتابة مؤلف يجمع تفسيره كل سوره من سور القرآن الكريم، تبين المراد دون الرجوع إلى غيرها، ذلك أن المفسرين لا يفسرون الآية إلّا مرة واحدة ثم لا يعودون إليها ثانية.
أسأل الله أن أكون قد وفقت، فإن كانت الأخرى فحسبي أنّي بذلت جهدي واستفرغت طاقتي، ولكل مجتهد نصيب، والله الموفق.
أ.د. أنس جميل طبارة 19/ محرم/ 1440ه 29/ أيلول/ 2018مثمانية أجزاء